بقلم: المختصة الاجتماعية سارة الشادلي
يعد عمل المختص الاجتماعي داخل المؤسسات التعليمية عملا متشعبا يتطلب كثيرا من التنظيم والدقة في المتابعة، ذلك أن المهام المنوطة به تشمل الانصات للتلاميذ، دراسة اوضاعهم الفردية والاجتماعية، تتبع حالات التعثر أو الاعاقة، والتنسيق مع أولياء الامور والادارة والأساتذة. ولأن طبيعة هذه المهام تتوزع بين جوانب إرشادية وتربوية ونفسية وادارية، يصبح من الضروري ان يعتمد المختص الاجتماعي على سجلات منظمة وموثقة، تسهل الرجوع الى المعطيات عند الحاجة، وتوفر بنك معلومات يساعد على اتخاذ القرار السليم.
في هذا السياق، يمكن للمختص الاجتماعي أن يهيكل مكتبته الخاصة من خلال ملصقات السجلات، بحيث يخصص لكل سجل عنوانا واضحا وملفا مرتبا، يضعه على رفوف مكتبه بشكل يسهل الرجوع اليه. وهذه العملية التنظيمية لا تسهل فقط إدارة المهام اليومية، بل تعكس ايضا صورة احترافية عن عمل المختص الاجتماعي داخل المؤسسة التعليمية.
فيما يلي عرض تفصيلي لأبرز السجلات المقترحة وادوارها:
1. سجل الارشاد والتوجيه
هذا السجل يعد بمثابة البوابة الأولى لعمل المختص الاجتماعي، حيث يوثق فيه مختلف الجلسات الارشادية الفردية او الجماعية مع التلاميذ الذين يحتاجون الى توجيه تربوي او اجتماعي. يمكن ان يتضمن بيانات اللقاء، طبيعة الإشكال، التوصيات، والخطوات المتخذة. وجود هذا السجل يساعد على تتبع مسار كل حالة، ويبرز للجهات الإدارية أن عملية الإرشاد قائمة على منهجية علمية وليست مجرد تدخلات عابرة.
2. سجل الحالات الفردية
يخصص هذا السجل لتوثيق الملفات الفردية للتلاميذ الذين يواجهون صعوبات خاصة، سواء كانت اجتماعية، سلوكية، أو تربوية. يسجل فيه إسم التلميذ، وضعيته الاسرية، المشكل المطروح، التدخلات التي تمت، ونتائجها. الهدف من هذا السجل هو ضمان الاستمرارية في التعامل مع نفس الحالة وعدم تكرار الاخطاء، إضافة الى كونه مرجعا عند التواصل مع الادارة او الاساتذة.
3. سجل الحالات النفسية
يعنى هذا السجل بالحالات التي تظهر اعراضا او مؤشرات على معاناة نفسية، مثل القلق، الاكتئاب، الإنطواء، أو السلوك العدواني. يدون فيه المختص الاجتماعي ملاحظاته الأولية، نوع الدعم المقدم، وتوصيات الإحالة على المختصين النفسيين الخارجيين إن اقتضى الأمر. وجود هذا السجل يضمن ان الجانب النفسي للتلاميذ لا يهمل، وان هناك تتبعا دقيقا لاي اشارة قد تؤثر على مسارهم الدراسي او الاجتماعي.
4. سجل التلاميذ الايتام
هذا السجل مخصص لفئة حساسة داخل الوسط المدرسي، حيث يتم احصاء التلاميذ الايتام وتوثيق بياناتهم، مع تحديد أشكال الدعم المقدمة لهم سواء من المؤسسة أو من شركائها. كما يمكن ان يتضمن برامج الدعم المادي أو النفسي أو التربوي التي استفادوا منها. أهمية هذا السجل تكمن في ضمان عدم إغفال هذه الفئة التي غالبا ما تحتاج الى اهتمام مضاعف.
5. سجل التلاميذ في وضعية صعبة
يسجل فيه كل التلاميذ الذين يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة، مثل الفقر المدقع، التفكك الاسري، او مشاكل صحية مزمنة. يتم توثيق اشكال المساعدة التي يمكن تقديمها، والتدخلات التي تمت بشراكة مع الجمعيات أو السلطات المحلية. هذا السجل يسمح بمتابعة دقيقة لفئة واسعة تحتاج الى رعاية خاصة لتفادي الانقطاع الدراسي.
6. سجل التلاميذ المتعثرين دراسيا
هنا يوثق المختص الاجتماعي لائحة التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التحصيل الدراسي، مع بيان المواد التي يواجهون فيها اكبر تعثر. كما يتضمن ملاحظات حول اسباب التعثر (نفسية،إجتماعية، اقتصادية، أو تربوية)، مع تتبع لبرامج الدعم المدرسي الموجهة لهم.
7. سجل التواصل مع اولياء التلاميذ
يعتبر من السجلات الحيوية، لأنه يضمن جسرا من التواصل الدائم مع الأسر. يدون فيه تاريخ اللقاءات مع أولياء الأمور، موضوع اللقاء، الملاحظات المقدمة من الطرفين، والتوصيات المتفق عليها. يساعد هذا السجل على بناء شراكة فعلية بين الاسرة والمدرسة من اجل مصلحة التلميذ.
8. سجل متابعة التأخر الدراسي
يركز هذا السجل على التلاميذ الذين يظهرون تأخرا متكررا عن الحصص الدراسية او غيابات غير مبررة. الهدف منه هو تحليل اسباب هذا التأخر او الغياب، والتدخل لمعالجتها سواء عبر الإنذار أو الدعم أو المتابعة مع الاسرة.
9. سجل التلاميذ في وضعية إعاقة
هذا السجل يوثق جميع التلاميذ الذين يعانون من إعاقات جسدية أو حسية أو ذهنية، مع بيان نوع الاعاقة واحتياجاتها الخاصة. يتضمن أيضا التدابير التربوية المطبقة، وأشكال الدعم المادي أو النفسي الموجهة لهم. وجوده يعكس التزام المؤسسة بمبدأ الادماج والمساواة.
10. سجل اجتماعات المجالس المدرسية
المختص الاجتماعي عضو في مختلف المجالس التربوية والإدارية، مثل مجلس القسم أو المجلس التربوي. لذلك يعد هذا السجل ضروريا لتوثيق كل الاجتماعات التي حضرها، مرفقا بجدول أعمالها، المداولات، والتوصيات الصادرة عنها.
11. سجل التلاميذ غير الملتحقين
يتعلق هذا السجل برصد التلاميذ الذين لم يلتحقوا بالمؤسسة مع بداية الموسم الدراسي رغم تسجيلهم، أو الذين انقطعوا بشكل مبكر. الهدف هو تتبع الاسباب وراء ذلك، ومحاولة ارجاعهم الى مقاعد الدراسة بالتنسيق مع السلطات المحلية والجمعيات.
12. سجل التلاميذ المفصولين
يسجل فيه كل التلاميذ الذين فصلوا من المؤسسة سواء لأسباب تربوية أو سلوكية، مع بيان مسارهم ومحاولات إعادة إدماجهم. كما يعتمد هذا السجل لتقديم تقارير دقيقة للإدارة أو المديرية الاقليمية عند الحاجة.
13. سجل الانشطة
هذا السجل يوثق جميع الانشطة التربوية والاجتماعية والثقافية التي يساهم فيها المختص الاجتماعي، سواء بشكل فردي أو بشراكة مع الأساتذة والجمعيات. يتضمن البرنامج السنوي للانشطة، الفئة المستهدفة، الوسائل المستعملة، ونتائج الانشطة.
اهمية وجود الملصقات على السجلات
لكي تكون هذه السجلات اكثر فاعلية، من الضروري ان توضع ملصقات واضحة على اغلفة كل سجل وملف، تحمل عنوانا مختصرا ودالا مثل: الإرشاد والتوجيه، الحالات الفردية، الأيتام، الأنشطة... كما يمكن اعتماد ترميز لوني (على سبيل المثال: الازرق للارشاد، الاحمر للحالات النفسية، الأخضر للانشطة...) لتسهيل عملية التصنيف البصري.
الملصقات تسهل على المختص الاجتماعي سرعة الوصول الى السجل المطلوب، وتضفي على المكتب نظاما واحترافية، مما يعكس صورة إيجابية عن المؤسسة. كما تمكن الادارة او أي هيئة رقابية من الاطلاع السريع على مجالات عمل المختص الاجتماعي بشكل مرتب وواضح.
يظهر تنظيم السجلات عبر ملصقات واضحة أن عمل المختص الاجتماعي ليس عملا ارتجاليا، بل يقوم على منهجية دقيقة وشفافة. هذه السجلات تشكل ذاكرة مؤسساتية تحفظ المسارات الفردية والجماعية للتلاميذ، وتسهل اتخاذ القرارات التربوية والإدارية. كما أن وجودها يضمن استمرارية التدخلات الاجتماعية حتى في حالة تغيير المسؤول أو انتقاله، لأنها توثق كل صغيرة وكبيرة بشكل منظم.
من خلال اعتماد هذه الملصقات، يتحول مكتب المختص الاجتماعي الى ورشة عمل منظمة تجسد قيم الإنصات، المرافقة، والاحتواء، وتسهم بشكل مباشر في محاربة الهدر المدرسي، دعم الإدماج، وتحقيق العدالة التربوية داخل المدرسة.
يمكن تحميل هذه الملصقات من الرابط أسفله: