الموضوع: هل للحياة معنى بوجود الموت؟
المقال من إنجاز التلميذة: إ.ف
المستوى والشعبة: الثانية بكالوريا شعبة العلوم الإنسانية
مدة الانجاز: ساعتان
من حسن الحظ أن حالنا ليس كحاله، ليس في حقيقة المستقبل الواقعي الذي نجهله، ولكن في المستقبل المختلق القابع في نفوسنا... لنعد مرة أخرى إلى صاحبنا... بعد حادثه العجيبة لم يعد يذهب إلى العمل قط ولا يمارس أي نشاط يذكر. ساور القلق زوجته التي سألته عن سبب تغير حاله فأخبرها بما حدث. لم تعد الزوجة تحتمل حالة الموت المؤجل الذي يعيشها زوجها فكتبت ورقة بها ما يلي: "إذا استمررت في تطوير شركة الدواجن التي تملكها بنزاهة وإخلاص فحتى وإن كسدت ستكتب لك شركة دواجن تدر عليك أضعاف ما درت عليك". وستقدمها له قائلة أنها بينما كانت تجز عشب الحديقة اكفهر الجو فجأة فأتى طائر أسود غريب قادما من وسط السماء ليلقي الورقة بين يديها ويختفي دونما أثر !! سيصدقها صاحبنا ليس لاقتناعه بقصتها ولكن فقط لأنه يحتاج لذلك أو لأنه لا يستطيع سوى ذلك. وفي صباح اليوم التالي سيستيقظ بكل حيوية ونشاط ليذهب لشركته.
أليست حالتنا في النهاية هي نفس حالته؟ ! نحن نريد أن "نعيش" ولذلك نحتاج إلى وعد بالخلود، لا يهم أن يكون صادقا ولكن المهم أنه بدونه لن تكون الحياة إلا قاعة لانتظار الموت !
نحن نعلم أننا لا مفر لنا من الموت ولكن ما يستطيع بهذا الوعد بالخلود هو الاعتقاد بحياة خالدة بعد الموت. ومن البديهي أن من يقوم بهذه الوظيفة هو الدين. إن أبرز ما يدل على مدى إلحاح الحاجة الإنسانية لهذا الاعتقاد هو إجماع جميع الديانات سواء منها ما نعتقد أنها سماوية، أو تلك التي خلقها الإنسان لديانة ذاته هو دليل على أن معنى حياته يتوقف على الاعتقاد في حياة أبدية. لقد صنع الإنسان وخلق في بداية وجوده حاجياته الأساسية ذات الضرورة الحياتية ولم يخلق حاجيات ثانوية إلا بعد ذلك. وقد كانت الديانات من أول ما خلقه الإنسان. وعلى هذا فالاعتقاد في حياة خالدة هو من أساسيات الوجود البشري لأنه يجنبنا مرارة الحقيقة المحسوسة التي لن تقودنا إلا إلى فقدان الرغبة في الحياة وفراغ هذه الأخيرة من كل معنى !
نحن لا نملك إلا أن نقول أن للحياة معنى رغما عن أنف الموت وندعي أن إلها ما كيفما كان وعدنا بحياة خالدة بغض النظر عن قصورنا على التحقق من ذلك فقط لأننا نحتاج إلى فعل هذا.
لنعد مرة أخيرة إلى صاحب شركة الدواجن لنر ما يدور في رأسه. يفكر أنه من المحتمل أن يكون أمر الرسالة مجرد كذبة ولكنه يقوم ليشاهد التلفاز هروبا من الاحتمال، ويستمر في تصديق قصة زوجته... ربما أنه يتصرف كنعامة تغطس رأسها في الرمال ولكنه يفعل ذلك ليعيش وهذا أفضل ما يمكن أن يفعله !