المدرسة الأبيقورية

سعيد إيماني
بواسطة -
0
المدرسة الأبيقورية
المدرسة الأبيقورية

المدرسة الأبيقورية هي مدرسة فلسفية أسسها الفيلسوف الإغريقي أبيقور في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد (حوالي 341-270 ق.م)، ارتكزت فلسفته بشكل أساسي على تحقيق السعادة والبحث عن الطمأنينة النفسية من خلال التحرر من المخاوف والشهوات غير الضرورية، وكان الهدف النهائي هو العيش في حالة من الأتراكسيا، أي السلام الداخلي وراحة البال.

أهم أفكار المدرسة الأبيقورية

السعادة هي الغاية القصوى: اعتبر أبيقور أن السعادة هي الغاية الأساسية في الحياة، ويمكن تحقيقها عن طريق اللذة، لكنه كان يفرق بين نوعين من اللذات:
  • اللذات الجسدية: مثل الطعام والشراب والمتعة الحسية، والتي اعتبرها أبيقور ضرورية لكنها ليست الأساسية لتحقيق السعادة الدائمة.
  • اللذات العقلية: مثل التفكير الفلسفي والتحرر من المخاوف والرغبات غير الضرورية، هذه اللذات العقلية هي ما يمنح الإنسان السلام النفسي والراحة الحقيقية.
التحرر من المخاوف: كان أبيقور يرى أن هناك أربع مخاوف رئيسية تعيق الإنسان عن تحقيق السعادة، وهي:
  • الخوف من الآلهة: اعتقد أبيقور أن الآلهة موجودة لكنها غير مهتمة بالشؤون الإنسانية، وبالتالي لا يجب أن نخاف منها.
  • الخوف من الموت: اعتبر أبيقور أن الموت ليس شيئًا يجب الخوف منه لأنه ببساطة نهاية للوجود الواعي، حيث قال: 
عندما نكون نحن موجودين، فالموت غير موجود، وعندما يأتي الموت، لن نكون نحن موجودين.
  • الخوف من الألم: اعتقد أن الألم يمكن تحمله، وأنه إذا كان شديدًا فهو مؤقت، وإذا كان طويل الأمد فهو يمكن التحكم فيه بالعقل.
  • الخوف من الفشل: أشار أبيقور إلى أهمية الرضا بما هو ضروري والاكتفاء بما هو بسيط وعدم السعي وراء الرغبات الطموحة أو المستحيلة.
مفهوم اللذة والحكمة: اعتبر أبيقور أن اللذة ليست بالضرورة المتعة الجسدية، بل اللذة الحقيقية تكمن في الاعتدال وتجنب الألم. الحكمة هي الوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق اللذة العميقة والمستمرة من خلال اختيار ما هو ضروري وتجنب ما هو غير ضروري.

الطبيعة الذرية: تأثر أبيقور بالفيلسوف ديموقريطس في تفسيره للطبيعة باستخدام النظرية الذرية، فقد اعتقد أن الكون مكون من ذرات تتحرك في الفراغ، وكل ما يحدث في الكون يحدث نتيجة تصادم الذرات، لم يؤمن بالخلود ولا بتدخل الآلهة في الكون، مما دفعه إلى التركيز على الحياة الدنيا دون انتظار الثواب أو العقاب بعد الموت.

الصداقة كوسيلة للسعادة: أكد أبيقور على أهمية الصداقة كواحدة من أهم وسائل تحقيق السعادة. كان يعتقد أن العلاقات الاجتماعية القائمة على الصداقة تساهم في توفير الأمان والاستقرار النفسي، وأنها ضرورية للعيش في سلام وسعادة.

البساطة والاعتدال: كان أبيقور يؤمن بأن الاعتدال في الشهوات والرغبات هو الطريق إلى السعادة، كان يدعو إلى حياة بسيطة، خالية من الإسراف والتبذير، والتركيز على ما هو ضروري فقط.

الأتراكسيا (السكينة): الهدف الأسمى عند أبيقور هو الوصول إلى حالة من الأتراكسيا، وهي حالة من السكينة والطمأنينة النفسية التي تتحقق عندما يتم التخلص من المخاوف والقلق والشهوات الزائدة.

أهمية المدرسة الأبيقورية

التحرر من المعتقدات الخرافية: ساهمت فلسفة أبيقور في تشجيع الناس على التفكير العقلاني والابتعاد عن المعتقدات الخرافية، وخاصة فيما يتعلق بالخوف من الآلهة والعقاب الإلهي.

التركيز على الحياة الفعلية: علمت المدرسة الأبيقورية الناس أهمية التركيز على الحياة الحالية وتحقيق السعادة من خلال عيش اللحظة بعيدًا عن مخاوف المستقبل أو آمال الحياة بعد الموت.

تأثيرها اللاحق: أثرت الفلسفة الأبيقورية على العديد من الفلاسفة اللاحقين، وكانت مصدر إلهام لتيارات فلسفية أخرى، مثل التيار الحداثي الذي يدعو إلى الاهتمام بالذات والسعادة الفردية.

من خلال ما سبق، يتضح أن المدرسة الأبيقورية وضعت مفهومًا جديدًا للسعادة يعتمد على التحرر من الخوف والعيش ببساطة واعتدال، على الرغم من أن الفهم الشائع للأبيقورية يرتبط بالمتعة الجسدية، إلا أن أبيقور ركز في فلسفته على اللذات العقلية والسلام الداخلي كسبيل للسعادة الحقيقية.


إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(موافق) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. تعرف أكثر
Ok, Go it!