تقنيات الكتابة المقالية

سعيد إيماني
بواسطة -
0

تقنيات الكتابة المقالية

بقلم الأستاذ: إدريس أوهلال

تقديم:

يعتبر المقال من جهة تقنياته البنائية سلسلة من الفقرات المترابطة فيما بينها؛ فنظام الفقرات من جهة ونظام الربط من جهة ثانية يساهمان في جعل مجموعة من الأفكار تنتظم في وحدة منسجمة ومتكاملة ومترابطة تحمل اسم مقال. إن المقال من جهة بنائه هو سلسلة من الفقرات المترابطة فيما بينها؛ وعليه فإن الكتابة المقالية تعتمد أساسا تقنيتين أساسيتين في البناء العام للمقال هما:

  •  تقنية الفقرة؛
  •  تقنية الربط.

في هذا الدرس الرابع من هذه السلسلة الجديدة حول المقال الفلسفي نستعرض بشيء من التفصيل هاتين التقنيتين.



أولا تقنية الفقرة:

يعتمد عدد كبير من التلاميذ على تقنية غريبة في تنظيم الكتابة: تقنية التكدس. ويتعلق الأمر بجمل طويلة غير مترابطة ومجموعة مختلفة من الأفكار في فقرة واحدة طويلة. وهذا خطأ. أما الصواب فهو تقسيم المقال إلى فقرات أساسية حسب عدد الأفكار ونوعها التي تشكل مادة المقال؛ أي اعتماد الفقرة كأساس تنظيمي للكتابة المقالية. فالفقرات في المقال لها وظيفة؛ فهي وحدات تنظيم النص المكتوب. وتبنى على أساس؛ إذ تتكون كل فقرة من فكرة رئيسة عامة وعدد من التفصيلات الداعمة والشارحة للفكرة الرئيسة. فإذا كان لموضوع ما خمس نقاط رئيسة، ينبغي أن نقسم المقال إلى خمس فقرات. ويمكن أن تكون الفقرات طويلة ويمكن أن تكون قصيرة حسب ما تقتضيه الفكرة المكتوبة. يستخدم نظام الفقرات إذن في الكتابة المقالية لتنظيم الأفكار. فما الفقرة؟ وما وظيفتها؟ وكيف يتم بناؤها؟ وما هي أنواع الفقرات؟


ـ ماهية الفقرة ومهمتها:

الفقرة هي بنية لغوية ومعنوية متكاملة العناصر تتناول فكرة أساسية واحدة وفق تصميم منهجي محكم.

يعتبر نظام الفقرات (إلى جانب نظام الربط) مقوما أساسيا في بناء المقال؛ فهو في نفس الوقت وسيلة منهجية لتنظيم الأفكار وإبراز تنامي الفكر، وأداة تواصلية باعتباره لغة مشتركة بين الكاتب والقارئ بحيث كلما انتهى الكاتب من فقرة وبدأ أخرى فهم القارئ أن الكاتب انتهى من فكرة أساسية وشرع في فكرة أساسية أخرى. ومعنى هذا أن المبدأ العام الموجه لنظام الفقرات هو اعتماد فكرة أساسية واحدة لكل فقرة؛ فبمجرد ما ينتهي التلميذ من فكرة أساسية يجب عليه الرجوع إلى أول السطر والشروع في فقرة جديدة (أي في فكرة أساسية جديدة). وفي المقابل يكون من الخطأ الاستمرار في نفس الفقرة بعد الانتهاء من فكرة أساسية معينة. فمثلا جوابا عن السؤال المقالي التالي في مادة الجغرافيا:

تحدث عن أسباب الحرب العالمية الثانية ونتائجها.

يفترض من التلميذ أن يقسم عرض مقاله إلى فقرتين:

  • فقرة أولى للحديث عن أسباب الحرب العالمية الثانية.
  •  فقرة ثانية للحديث عن نتائج الحرب العالمية الثانية.

لكن إذا كان المبدأ العام لنظام الفقرات هو اعتماد فقرة واحدة لكل فكرة أساسية فإن تقدير الأساسي من الأفكار مسألة نسبية. ويرجع التقدير فيها للتلميذ نفسه؛ فما قد يعتبره تلميذ ما أساسي قد يراه آخر ثانوي. وهذا لا يتعارض مع المبدأ العام لنظام الفقرات. المهم هو أن يكون تمييز التلميذ لأفكار مقاله واضحا ودقيقا.

فمثلا يصح اعتماد كل التصاميم التالية للإجابة عن نفس السؤال المقالي السابق.

تصميم 1:

ـ فقرة أولى للحديث عن أسباب الحرب العالمية الثانية.

ـ فقرة ثانية للحديث عن نتائج الحرب العالمية الثانية.

تصميم 2:

ـ فقرة أولى للحديث عن الأسباب المباشرة للحرب العالمية الثانية.

ـ فقرة ثانية للحديث عن الأسباب غير المباشرة للحرب العالمية الثانية.

ـ فقرة ثالثة للحديث عن نتائج الحرب العالمية الثانية.

تصميم 3:

ـ فقرة أولى للحديث عن الأسباب المباشرة للحرب العالمية الثانية.

ـ فقرة ثانية للحديث عن الأسباب غير المباشرة للحرب العالمية الثانية.

ـ فقرة ثالثة للحديث عن النتائج المادية للحرب العالمية الثانية.

ـ فقرة رابعة للحديث عن النتائج البشرية للحرب العالمية الثانية.

ـ فقرة خامسة للحديث عن النتائج السياسية للحرب العالمية الثانية.

إلخ...


ـ بناء الفقرة:

يخضع بناء الفقرة لمجموعة من الضوابط المنهجية أهمها:

ـ البناء المنهجي المحكم؛

ـ وتنامي الفكر.

1. البناء المنهجي المحكم:

يمكن النظر إلى الفقرة في حالة المقال الفلسفي كوحدة حجاجية متكاملة؛ فتكون الفقرة في النهاية وبعد النظر "نسق من العبارات". وعليه فإن البناء المحكم للفقرة يبدأ بضبط بناء لبناتها الأساسية؛ أي العبارة والعلاقات الحجاجية.

1.1: بناء العبارة الفلسفية:

لبناء العبارة نستخدم عادة الجملة الخبرية لأنها وحدها تحتمل الصدق أو الكذب (رغم أن استخدام الجملة الإنشائية التي تحتمل معنى الخبر يصح لبناء العبارة ينصح بتجنبها حفاظا على الوضوح والدقة)

هذا ويجب إيلاء عناية خاصة للمكونات الأساسية للعبارة الفلسفية وهي:

1.1.1: المفاهيم الفلسفية:

إن العبارة الفلسفية في النهاية هي نسق من المفاهيم. واستخدام المفاهيم الفلسفية في بناء العبارة الفلسفية، استثمارا لها أو تأثيلا، يساهم بشكل كبير في بناء دقة ووضوح وشمولية وأصالة وفاعلية كل من البناء الإشكالي والبناء الحجاجي للمقال الفلسفي. (ملاحظة: قد نرجع مستقبلا إن شاء الله إذا تيسر الوقت لتقديم سلسلة أخرى من الدروس حول البناء المفاهيمي نظرا لأهميته على شاكلة سلسلة دروس البناء الحجاجي التي انتهينا منها بفضل الله).

2.1.1: المكممات quantificateurs:

هي عوامل حجاجية تحدد المدى الذي تقف عنده وتنتهي إليه الأطروحة؛ فمثلا:

ـ إن اللغة عاجزة عن التعبير عن الفكر؛

ـ إن اللغة دائما عاجزة عن التعبير عن الفكر؛

ـ إن اللغة في أغلب الأحيان عاجزة عن التعبير عن الفكر؛

ـ إن اللغة أحيانا عاجزة عن التعبير عن الفكر؛

ـ إن اللغة نادرا ما تكون عاجزة عن التعبير عن الفكر.

ففي المثال الأول لدينا مكمم كوني محذوف تقديره "دائما"؛

وفي المثال الثاني لدينا المكمم "دائما" بشكل صريح؛

وفي المثال الثالث لدينا المكمم "في أغلب الأحيان" بشكل صريح؛

وفي المثال الرابع لدينا المكمم "أحيانا" بشكل صريح؛

وفي المثال الخامس لدينا المكمم "نادرا" بشكل صريح.

2.1: العلاقات الحجاجية:

يراجع الدرس الحادي عشر حول الروابط الحجاجية من سلسلة دروس الحجاج الفلسفي.

2. تنامي الفكر:

تعتبر خاصية تنامي الفكر خاصية أساسية يفترض وجودها في كل كتابة وليس فقط في الكتابة المقالية. وما ذلك إلا لأن الكتابة بطبيعتها تفكير. فالفكر ينتقل من قضية لأخرى في تسلسل زمني ومنطقي يتدرج فيه للوصول إلى غاية نهائية. (إثبات أطروحة مثلا في حالة الكتابة الحجاجية، أو حل العقدة في الكتابة السردية).


ـ أنواع الفقرات:

توجد أنواع مختلفة من الفقرات يجب الوعي بها وبخصوصية كل نوع؛ فهناك فقرة التقديم، وفقرة الخاتمة، وفقرة الربط، وفقرة الإثبات، وفقرة الدحض، وفقرة التحليل، وفقرة المناقشة إلخ. سنعود إن شاء الله بتفصيل لكل هذه الأنواع في دروس مقبلة من هذه السلسلة.


ثانيا تقنية الربط:

يستخدم نظام الربط في الكتابة المقالية لمنح المقال وحدته وانسجامه. فما الربط؟ وما وظيفته؟ وما تقنياته؟ وما أخطاؤه؟


تعريف الربط:

يمكن تعريف الربط من حيث هو تقنية أساسية في الكتابة المقالية كالتالي: "حسن التخلص مما سبق وحسن التمهيد لما سيأتي". فالربط المناسب إذن يفترض فيه أن يساعدنا في نفس الوقت على حسن التخلص من الفكرة السابقة وحسن التمهيد للفكرة اللاحقة، إي الانتقال بشكل طبيعي من فكرة لأخرى دون فجوة أو تعسف.


طرق الربط:

للربط عدة طرق أهمها:

1. الربط باستخدام الروابط المنطقية:

والروابط المنطقية أنواع بحسب وظيفتها المنطقية في سياق الربط. وأهمها:

  • روابط السببية ومثالها: لأن، بسبب، وذلك...
  • روابط الاستنتاج ومثالها: إذن، وهكذا، وبالتالي، ومنه...
  • روابط المقابلة ومثالها: لكن، في مقابل، على العكس، بل، برغم...
  • روابط الشرط ومثالها: إذا كان... فإن...
  • روابط الترتيب ومثالها: أولا، ثانيا، في البداية، بعد ذلك، ثم، في الأخير...

2. الربط باستخدام السؤال:

تعتبر تقنية الربط بالسؤال من أنسب طرق الربط في المقال الفلسفي خاصة؛ أولا لأنها تتيح لنا حسن التخلص بسهولة وبشكل جيد مما سبق وتمهد في نفس الوقت لما سيأتي، وثانيا لأنها في حالة المقال الفلسفي تسمح للتلميذ بتنامي الفكر بشكل جيد وتضفي على المقال طابعا فلسفيا. ونموذج السؤال الذي يصلح للربط هو السؤال التقويمي ومثال صيغته: إلى أي حد....

3. الربط باستخدام فقرة الربط:

فقرة الربط هي فقرة قصيرة وظيفتها الأساسية هي الربط. ونلجأ إليها عادة كلما طال بنا الحديث عن فكرة أساسية معينة. تتيح لنا هذه الفقرة تلخيص ما سبق من باب التذكير والإشارة لما سيأتي.


أخطاء الربط:

  • غياب الربط؛
  • استخدام روابط في غير محلها؛
  • الانغلاق داخل نوع معين من طرق الربط وعدم تنويع طرق وأساليب الربط؛ كالاكتفاء مثلا باستخدام الروابط المنطقية وعدم الانتباه إلى إمكانية الربط باستخدام السؤال أو فقرة الربط.


أسئلة الفهم:

1 ـ عرف المقال من جهة تقنياته البنائية.

2 ـ ما هي تقنيات الكتابة المقالية؟

3 ـ ما الفقرة؟

4 ـ ما وظيفة الفقرة؟

5 ـ كيف يتم بناء الفقرة؟

6 ـ أذكر بعض أنواع الفقرات؟

7 ـ ما العبارة؟

8 ـ ما هي ضوابط بناء العبارة الفلسفية؟

9 ـ ضع تعريفا للمفهوم الفلسفي ومثل له.

10 ـ ضع تعريفا للمكمم ومثل له.

11 ـ ضع تعريفا للربط.

12 ـ ما هي وظيفة الربط؟

13 ـ ما هي تقنيات الربط؟

14 ـ ما هي أخطاء الربط؟

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(موافق) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. تعرف أكثر
Ok, Go it!