بقلم الأستاذ: محمد مستقيم
يعد الفيلسوف الاسكتلندي دافيد هيوم (1711-1776) أحد أقطاب المذهب التجريبي في العصور الحديثة. وقد عاش في القرن الثامن عشر، الذي عرف بأنه عصر العقل. وقد بلور معظم أطروحاته في المعرفة والأخلاق والميتافيزيقا والسياسة مستفيدا من المناخ الفكري والسياسي الذي ساد في هذا القرن. لكنه تأثر بصورة كبيرة وواضحة بأفكار جون لوك وجورج باركلي.
لقد كان هيوم يدافع عن الأطروحة المركزية في الفلسفة التجريبية ألا وهي: "إن جميع المعارف التي يكتسبها الإنسان يمكن إرجاعها إلى التجربة". وهذا إعلان عن رفض الأفكار الفطرية التي كان يمثلها الاتجاه العقلاني ممثلا في بعض الفلاسفة وعلى رأسهم ديكارت. وفي تبنيه للموقف التجريبي لم يعمل على إقصاء دور العقل في مجال المعرفة بل وضعه في إطار فلسفته التجريبية حيث كل شيء خاضع للملاحظة والتجربة بما في ذلك العقل نفسه، يقول هيوم : "إن الأحاسيس تهجم على العين والأذن والجلد وغيرها، فتصل إلينا خليطا، ولو وقف الأمر عند هذا الحد لما كانت معرفة، لكن هناك وراء الحس "عقل" لابد أن يكون قد جهز بمقولات- أو قوالب- تنصب فيها مادة الإحساسات فتكون بذلك علما سويا، كما تنساق حروف المطبعة فوق صفحات الكتاب على نسق معلوم، فإذا هي معان لامجرد أحرف مفككة متناثرة."
يتحدث هيوم عن مصدرين للمعرفة هما الإحساس والأفكار، فإذا كانت الإدراكات الحسية خارجية، فإن علاقة الحواس بالانطباعات الحسية تعود إلى العقل: "إن الانطباعات تطبع أولا في الحواس أو عليها، كي تجعلها تدرك الحرارة أو البرودة، العطش أو الجوع، اللذة أو الألم، ومن هذه الانطباعات تنقل صورة منها عن طريق العقل حيث تبقى بداخله بعد زوال أو توقف الانطباع وهذا ماندعوه بالفكرة".
إن هذه الإدراكات والانطباعات تنقسم على مستوى تركيبها إلى إدراكات بسيطة وأخرى معقدة، الأولى لاتقبل القسمة إلى أجزاء والثانية تقبل القسمة مثل البرتقالة التي يمكن تحليلها إلى أفكار بسيطة عن اللون والشكل والطعم والرائحة، وهي كلها تتركب في فكرة واحدة عن البرتقالة. والعقل قادر على ربط الأفكار البسيطة ويكون منها أفكارا مركبة لامثيل لها في الواقع مثل فكرة الحصان المجنح، ومع ذلك فهو يبقى محدودا عملية التجميع والنقل أو الزيادة والنقصان من المواد التي تصلنا إلينا عن طريق الحواس والتجربة.
ويمكن هنا أن نلاحظ مدى التأثير القوي الذي مارسته أفكار هيوم على كانط في مشروعه حول نقد العقل، وهذا ماعبر عنه فعلا عندما قال: "لقد أيقظني هيوم من سباتي العميق"
مؤلفات دفيد هيوم:
*- رسالة في الطبيعة الإنسانية.
*- بحث في الفهم البشري
*- بحث في المفاهيم الأخلاقية
*- مقالات أخلاقية وسياسية
*- التاريخ الطبيعي للدين
*- محاورات في الدين الطبيعي
*- حياتي
*- خطابات دفيد هيوم
تم الاعتماد في إعداد هذه الورقة التعريفية على المرجعين التاليين:
1- د.ابراهيم مصطفى ابراهيم: الفلسفة الحديثة من ديكارت إلى هيوم. دار الوفاء – الاسكندرية. الطبعة الأولى:2000
2- د زكي نجيب محمود، دفيد هيوم،نوابغ الفكر الغربي- عدد7- دار المعارف، القاهرة.
