توماس هوبز

سعيد إيماني
بواسطة -
0

الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز

بقلم الأستاذ: محمد مستقيم

يعتبر الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز (1588-1679) من أكبر فلاسفة القرن السابع عشر بانجلترا وأكثرهم شهرة خصوصا في المجال القانوني حيث كان بالإضافة على اشتغاله بالفلسفة والأخلاق والتاريخ، فقيها قانونيا ساهم بشكل كبير في بلورة كثير من الأطروحات التي تميز بها هذا القرن على المستوى السياسي والحقوقي.كما عرف بمساهمته في التأسيس لكثير من المفاهيم التي لعبت دورا كبيرا ليس فقط على مستوى النظيرة السياسية بل كذلك على مستوى الفعل والتطبيق في كثير من البلدان وعلى رأسها مفهوم العقد الاجتماعي .

كذلك يعتبر هوبز من الفلاسفة الذين وظفوا مفهوم الحق الطبيعي في تفسيرهم لكثير من القضايا المطروحة في عصرهم.

فما هو الحق الطبيعي؟ 

يجيب هوبز بأنه الحرية الممنوحة لكل إنسان لاستخدام قواه الخاصة للمحافظة على طبيعته، أي المحافظة على حياته، وبالتالي حريته في أن يفعل أي شيء يكون في تقديره صحيحا أو مناسبا لتحقيق تلك الغاية( المحافظة على الحياة ). وفي هذا الصدد يتحدث هوبز عن أربعة حقوق طبيعية:

  1. الحق الأول: هو حق البقاء أو المحافظة على الذات، وهو الأساس الذي تنبع منه جميع الحقوق الأخرى.
  2. الحق الثاني: هو حق الدفاع عن الحياة بكل الوسائل المتاحة بما فيها القوة والعنف.
  3. الحق الثالث: حق تقرير كل أنواع الوسائل الضرورية لتحقيق غاياته، وتقدير حجم الخطر الذي يهدده.
  4. الحق الرابع: حق الملكية، أي وضع اليد على أي شيء يجده الإنسان أمامه، فليست هناك ملكية خاصة "الجميع يملك كل شيء ولا أحد يملك شيئا"

إن هذه الحقوق الطبيعية الأربعة مستنبطة من العقل الطبيعي ويفترض وجودها عند جميع الناس ومن ثمة فهي حقوق فطرية غير مكتسبة، حقوق ولدت مع الإنسان غير أن ممارستها على هذا النحو الطبيعي تؤدي إلى الصراع والاقتتال وتقود الناس إلى حالة الفوضى الطبيعية، وهي حالة خطيرة ومهددة للوجود البشري، هذا الوضع المأساوي دفع الإنسانية إلى أن تبحث عن حل وذلك بإدراك الأسباب التي أدت إليه، وانتهت إلى أن الحل هو إيجاد مجتمع تسوده قوانين تحكم الجميع، فيزول الخوف والفزع ويسود الأمن والاطمئنان. لكن هذا المجتمع لايمكن أن يوجد إلا بتخلي أفراده عن بعض حقوقهم الطبيعية الخاصة وأن يخضعوا لإرادة واحدة تتولى فرض نفسها على الآخرين. أي انتقال جميع حقوق جميع الأفراد إلى فرد واحد لا يتخلى هو عن حقوقه مما يجعله أقوى منهم. 

إذن؛ التعاقد يتم بين مجموعة أفراد وبين واحد (حاكم) وبموجبه يتخلى هؤلاء عن حقوقهم ويفوضونها إلى شخص إنه تعاقد من نوع خاص حيث يوافق الحاكم على الشروط المكونة له دون أن يلتزم بشيء تجاه الآخرين، وما على المواطن سوى الخضوع والطاعة المطلقان في مقابل ما يحققه له من حماية ضد منتهكي القوانين وضد أعداء الوطن. ولما كان الحاكم ليس طرفا في هذا التعاقد فإنه لا تجوز مساءلته على الطريقة التي يؤدي بها مهمته، ذلك أنهم بمجرد أن فوضوا له تولي أمرهم سقط حقهم في مساءلته ومحاسبته.

مع هذا الوضع الجديد تصبح حرية الإنسان محدودة بقوانين طبيعية تلزمه التمسك بالسلام والدفاع عنه والالتزام بالعهود والمواثيق وممارسة العدل والمساواة بين الناس، والإحسان إليهم ومعاملتهم معاملة طيبة دون اللجوء إلى الحقد والكراهية، ويمكن تلخيص هذه المبادئ في قانون عام هو: "لا تعامل الناس بما لا تحب أن يعاملوك به."

نحن إذن أمام مجموعة من القوانين الأخلاقية يكشف عنها العقل ويلزمنا بها إلزاما داخليا فتكون بمثابة نوايا طيبة تحتاج إلى قوة تدعمها وتحولها من الداخل إلى الخارج، أي من الإلزام الأخلاقي إلى الإلزام السياسي حيث تظهر على شكل قوانين مدنية جديدة قائمة على أساس القوانين الطبيعية وتهدف إلى نفس الغية وهي تحقيق السلام وبناء المجتمع. يحدد هوبز 12 قانونا وهي:

  1. التمسك بالسلام. 
  2. التخلي عن كل الحقوق التي تعوق السلام.
  3. الالتزام بالمواثيق والعهود. 
  4. الإنسان إلى الآخرين. 
  5. المعاملة الطيبة. 
  6. مقابلة الشر بالشر.
  7. عدم نشر الحقد والكراهية بين الناس. 
  8. المساواة بين الناس. 
  9. التسامح. 
  10. الإنصاف. 
  11. الالتزام بمبادئ العدل. 
  12. التوزيع العادل للأشياء بين الناس.

المرجع:

توماس هوبز: فيلسوف العقلانية – تأليف عبد الفتاح إمام عبد الفتاح، دار الوفاء لدنيا النشر والطباعة- 1998- الاسكندرية

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(موافق) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. تعرف أكثر
Ok, Go it!