جورج غوسدورف

سعيد إيماني
بواسطة -
0



بقلم الاستاذ: محمد مستقيم

جورج غوسدورف، فيلسوف فرنسي ولد سنة 1912 ومات سنة 2000 ، درس الفلسفة بجامعة ستراسبورغ. من مؤلفاته المعروفة:
- اكتشاف الذات
- رسالة في الوجود الأخلاقي
- مدخل إلى العلوم الإنسانية
-علوم الإنسان والفكر الغربي

لقد وجه غوسدورف نقدا إلى الفلاسفة العقلانيين الذين يفككون الشخص ويرسمون للإنسان صورة مجردة لايمكن للناس العاديين أن يتعرفوا فيها على أنفسهم. داعيا إلى إحياء الأساطير لأنها تنطق بمادة الواقع الإنساني وتحتوي على القيم في حالتها البدائية. إن الإنسان في نظره لا يواجه مشكلات منطقية مجردة بل مواقف درامية لابد لها فيها أن يتحمل مسؤولية حريته الخاصة في مواجهة أخطار الوجود كافة.

يرى غوسدورف بان معرفة الذات لا تتحقق بمجرد النظر إلى أنفسنا والتأمل فيها. إنها لا تتحقق إلا بواسطة العالم. ولذلك وجب أن ندرس أنفسنا في علاقتنا مع الخارج"فلسنا نحن إلا بواسطة العالم".

إن المناهج غير المباشرة في دراسة الذات لا تستطيع أن تدخلنا إلى مركز الشخصية وعمقها، فعلى الإنسان أن يتعرف على القيم التي توجه أفعاله، ليعرف نفسه معرفة صحيحة،وعليه بالتالي أن يستعين بالشعار القائل:"كن من أنت" وأن يترك الشعار الاتباعي:"أعرف نفسك بنفسك".

ثم يحدثنا غوسدورف عن رأيه في التضحية الإنسانية، فيبدو هنا ذا طابع وجودي أقوى واشد وضوحا. حيث يعتقد بأن التضحية في الأساس فعل أخلاقي ديني ولكنها في الوقت نفسه فعل وجودي أيضا.

والتضحية بالمعنى الوجودي هي عملية تخل عن الذات للاتصال بالوجود، إن فيها اختيارا قد تكون قيمته موضع شك ومناقشة. فالشهداء الذين يحاولون الكشف عن صحة إيمانهم، غير قادرين على إثبات ذلك....ففيها تفوق على الذات، ومخاطرة، وغموض.

وتبدو فلسفة غوسدورف بصورة واضحة حين نتحدث عن أخلاقياته في كتابه: "رسالة في الوجود الأخلاقي". إنه يرفض الأخلاق الاتباعية التي تخضع الرجل لنواه وأوامر موضوعة بصورة مسبقة. لأنه يرى في هذه الأوامر والنواهي عاملا يجنح بالشخصية الإنسانية عن طريقها القويم.

إنه يرفض القيم التي تعري الفرد من شخصيته وتعتبره قيمة عليا. فالأخلاق الصحيحة هي أن يكون الإنسان أمينا على نفسه وسيدا لمصيره لا يتأثر بغير طبيعته العميقة. ويؤكد كذلك بأن أساس القيم هو الغرائز وظهور الفكر هو الذي يبدع قدرتنا على قيادة ميولنا الغريزية بطريقة يستجيب بها للأهداف البعيدة للشخصية كلها.

ولا يصلح لقيادتنا في سيرنا الأخلاقي غير التجربة الأخلاقية بالذات: إن شعورنا بالرضا، وهو الشعور الذي نهدف إليه، هو الذي يصلح قاعدة لتقييم كل خطوة من خطواتنا الأخلاقية. فالأخلاق الصحيحة هي البحث عن هذا الشعور بالرضا والطمأنينة.وبما أن هذه التجارب هي تجارب شخصية فلا يسعها أن تكون كلية أو موضوعية. إنها شيء فردي ذاتي يوجهني أنا شخصيا ويشرف على أقداري الخاصة. وهي في الوقت نفسه من صنعي وإبداعي الخاص.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(موافق) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. تعرف أكثر
Ok, Go it!