لقد وجه غوسدورف نقدا إلى الفلاسفة العقلانيين الذين يفككون الشخص ويرسمون للإنسان صورة مجردة لايمكن للناس العاديين أن يتعرفوا فيها على أنفسهم. داعيا إلى إحياء الأساطير لأنها تنطق بمادة الواقع الإنساني وتحتوي على القيم في حالتها البدائية. إن الإنسان في نظره لا يواجه مشكلات منطقية مجردة بل مواقف درامية لابد لها فيها أن يتحمل مسؤولية حريته الخاصة في مواجهة أخطار الوجود كافة.
يرى غوسدورف بان معرفة الذات لا تتحقق بمجرد النظر إلى أنفسنا والتأمل فيها. إنها لا تتحقق إلا بواسطة العالم. ولذلك وجب أن ندرس أنفسنا في علاقتنا مع الخارج"فلسنا نحن إلا بواسطة العالم".
وتبدو فلسفة غوسدورف بصورة واضحة حين نتحدث عن أخلاقياته في كتابه: "رسالة في الوجود الأخلاقي". إنه يرفض الأخلاق الاتباعية التي تخضع الرجل لنواه وأوامر موضوعة بصورة مسبقة. لأنه يرى في هذه الأوامر والنواهي عاملا يجنح بالشخصية الإنسانية عن طريقها القويم.
ولا يصلح لقيادتنا في سيرنا الأخلاقي غير التجربة الأخلاقية بالذات: إن شعورنا بالرضا، وهو الشعور الذي نهدف إليه، هو الذي يصلح قاعدة لتقييم كل خطوة من خطواتنا الأخلاقية. فالأخلاق الصحيحة هي البحث عن هذا الشعور بالرضا والطمأنينة.وبما أن هذه التجارب هي تجارب شخصية فلا يسعها أن تكون كلية أو موضوعية. إنها شيء فردي ذاتي يوجهني أنا شخصيا ويشرف على أقداري الخاصة. وهي في الوقت نفسه من صنعي وإبداعي الخاص.
