مادا تبقى للفلسفة من موضوع؟
يتساءل يوميا الكثير من التلاميذ عن موضوع محدد للفلسفة ، وعن طبيعتها وحتى مبرر استمرارها وموقعها بل وعن جدواها في عصر يتميز بتقدم هائل ويومي

في ميدان العلم والتكنولوجيا وظهور تخصص التخصصات في كل مجال.
هدا السؤال الذي يطرح في الكثير من المرات نجد له صدى كذلك عند أهم المفكرين الفلاسفة المعاصرين(فلاسفة وعلماء) بل منهم من حكم على الفلسفة بالموت انطلاقا من فكرة أنها فقدت فعاليتها في الوقت الذي لازمت فيه مواقفها في إيجاد تعليلات للظواهر الطبيعية على صورة أجوبة تدور في أفق الكشف عن العلل والأسباب الأولى وراء الظواهر.
كما دهب البعض الأخر إلى أن الفلسفة كانت وستبقى مجرد غطاء أيدلوجي يرافق كل الانتاجات الفكرية وتطبيقاتها على المستوى المادي ، وان الفلسفة لم تعمل سوى على تقديم تفسيرات "معينة"لطبيعة العلاقات بين الإنسان والإنسان وبين هدا الأخير والطبيعة.
في حين دهب فريق أخر وهو الذي يمثل الاتجاه الحالي إلى أن الفلسفة ضرورة ملحة في كونها دلك النمط من التفكير الذي يأخذ موضوعه و مشروعيته من مجموع الإنتاج الفكري الذي يتواجد في عصر من العصور ، فالفلسفة انطلاقا من هدا الطرح هي تلك المواقف التي يقفها الفكر الفلسفي اتجاه مجموعة من الاشكاليات التي تكبع مجتمعا من المجتمعات ومحاولة ابراز العوامل الفاعلة في تجاوز الاشكال الرئسي.


بعبارة أخرى فالفلسفة ليست سوى تلك المواكبة التي تعبر بكريقة أو بأخرى انشغال الانسان بمصيره وبصيرورته،وهناك فلسفة مادام هناك انسان يبحث عن سعادته،يبحث عن تحسين وضعيته.
في هدا الاكار وتحث هدا المفهوم في فهم وضعية الفلسفة الان يمكن تبرير حضور الفلسفة على الساحة الفكرية ودلك من خلال ما تطتسبه الدراسات الابستمولوجية التي أخدت على عاتقها البحث في أهم ظاهر انسانية في الوقت الحاضر ونعني بها ظاهرة"التقدم العلمي التكنولوجي ".
ويمكن تبرير هدا الحضور الفلسفي في الحقل العلمي من خلال مستويين:
المستوى الاول:هو انكباب الدراسات الابستمولوجية في البحث في المعرفة العلمية لايخرج عن كونه بحث المعرفة عامة حيث أن المعرفة العلمية لاتعدو أن تكون حقلا خاصا من الانتاج الفكري العام، وفي هدا الاكار تدخل الدراسات الابستمولوجية في دائرة مايسمى بالابستمولوجيا العامة،وموضوع هدا البحث هو دراسة العلم على اعتباره مجموعة من النظريات من حيث منطلقاتها(أساسها)،منهجا ونتائجها أي البحث أي البحث في النظريات العلمية من خلال صلاحيتها ،بنائها المنطقي وعلاقتها بالنظريات العلمية الاخرى،ولقد نشط هدا النوع من البحث في بداية القرن الماضي بعد ما أسفرت عليه الدراسات لتطور العلم من نتائج أدت الى اعادة النظر في أسس النظرية العلمية واستمرايتها ويدخل في هدا الاتجاه على مستوى نقد المنطلقات ما يسمى بتاريخ نقد العلوم.
المستوى الثاني:ادا كان المستوى الاول يبحث في العلم من داخل العلم نفسه(أي التماسك المنكقي للنظرية ومدى صحة منكلقاتها)فان المستوى الثاني يتكرق الى البحث في العلم في كونه الظاهرة الانسانية أي الانتاج الانساني الدي أصبح يطبع الحياة البشرية ويأخد بزمام توجهيها ، ان الوجهة التي أخدها العلم في وقتنا المحاضر بدأت تستحضر نوعا من الانتباه الحدر الدي خلق موقفا موحدا ازاء هده الظاهرة وتجلى هدا الموقف على شكل تساؤلات المراد منها تنبيه الرأي العالمي والضمير الانسانيلمدى ما بدأيشكله العلم من خطورة على الانسان بوجه عام وتنبيه الفئات والشعوب المغلوبة على أمرها الى مدى خكورة هدا العلم من حيث استغلال الاكتشافات العلمية لفئة معينة داخل الوطن الواحد وتكريس الفروقات والتفاوتات الاجتماعية فيه من جهة،ثم استغلال الشعوب لبعضها البعض انكلاقا من نافدة الاستعمار الجديد وما تمنحه الاكتشافات من قوة وسلطان للدول الصناعية وما تجره من كوارت وظواهر طبعية تهدد كوكبنا الازرق كارتفاع حرارته الشء الدي زاد من تقب الازون مما يهدد الحياة الجماعية للانسان على سطحه من جهة أخرى.
أفلا يكفي هدا كتبرير لحاجتنا لحضور السؤال الابستمولوجي على الساحة الفكرية أكثر من أي وقت مضى؟
ادا كان التعريف المدرسي للابستمولوجيا يشير الى الدراسة النقدة للعلم ،فانه يستدعى الوقوف عنده قليلا حتى يتسنى لنا أولا الاحاكة بامكانية أو عدم امكانية تحديد الاطار الخاص الدي تتحول فيه الممارسة الفلسفية العلمية.ان تعريف اية ممارسة ليس بالشئ الهين وكل ما يمكن قوله أمام مشكلة التعرف هو أنه من الصعب أن نأتي بتعريف جامع مانع لممارسة فكرية ما،أي لنشاك فكري يأخد بالدرس جزءا معينا من نشاك فكري معين.
بعبارة أوضح لا يمكن تعريف ما يسمى الابستمولوجيا التي هي نشاك معين داخل دائرة أكبر وهي الفلسفة ، مادام من الصعب تعريف هده الدائرة نفسها. فالفلسفة كنشاك فكري معين لا يخضع لشروك تعريف جامع مانع ، فبالاحرى وجود مثل هدا التعريف كجزء متميز- اى الابستمولوجيا- داخل عام الدي هو الفلسفة.
يدفعنا هدا الى القول بأن مشكل تعريف الابستمولوجيا جزء لا يتجزأ من مشكل تعريف الفلسفة داتها، ويتمثل هدا المشكل ف
ي بعض الصعوبات المحيكة بكبيعة الابستمولوجيا نفسها.
من بين الصعوبات التي تواجهنا في تحديد طبيعة هده الممارسة هي كونها نشاك فلسفيا تأخد لها كموضوع للدرس الظاهرة العلمية، وانكلاقا من أن كل نشاك فلسفي هو في حد داته مواقف لامعينة من ظاهرة أو من عدة ظواهر معينة فانه لا يخلو من نزعة داتية أو غكاء معين هدا من جهة،كما أن الموضوع المدروس وهو الظاهرة العلمية في مقامنا هدا لايخلو هو كدلك من كونه انتاج معرفي لا تتفق حوله الاراء أو زوايا النظر من حيث موضوعينه على الخصوص من جهة أخرى.
نجد كدلك صعوبة تحديد الميدان الخاص بهده الممارسة ونعني تحديد معالم موضوعها الخاص بها،حيث نجد أنه من جملة المهتمين بهدا الموضوع بهدا النوع من الدراسة من يجمع في ممارسة واحدة تحث اسم الابستمولوجيا بعض الممارسات الاخرى القريبة منها والمختلفة عنها في التفاصيل مما يجعلها ممارسة دات اهتمامات متعددة وبالتالي مما يجعلها غير واضحة المعالم بما فيه الكفاية.
ولتوضيح المهمة الجديدة الموكلة اليوم للخكاب الفلسفي تبدأ من خلال نقد بناء للنتائج العلم خصوصا في ابنها البار وهو فلسفة العلوم سواء من الناحية النقدية للعلم من داخل العلم نفسه،أو مكلقية العلم ،أو من الناحية الخارجية للعلم حول موضوعيته . وتكون بالتالي فلسفة العلوم دلك الجانب من الممارسة الفلسفية الدي يهتم بالعلم التي تدخل في مجموع المعارف الانسانية والدي هو موضوع نظرية المعرفة.