
تقرير حول اليوم الدراسي
هل يعكس تعدد الكتب المدرسية متطلبات تدريس الفلسفة ؟ وإلى أي حد يعبر عن متطلبات مدرسيها ؟ وما مدى قدرة هده الكتب على صياغة رؤية بداغوجية جديدة تتماشى وتتفاعل مع الحداثة الحقيقية ؟
مادا ندرس؟ وكيف نستثمر الكتاب المدرسي؟ وهل درس الفلسفة استطاع أن يحقق أهدافه؟
أسئلة وأخرى تمحور حولها النقاش يوم السبت 19 أبريل الجاري خلال يوم دراسي نظمته الجمعية المغربي لمدرسي الفلسفة (فرع وجدة) بتعاون مع الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين –الجهة الشرقية- تحت شعار: "الكتاب المدرسي: التنوع ورهان الجودة".
بالرغم من الأهمية المركزية التي يحتلها النقاش في موضوع الكتاب المدرسي التي سجلها أكثر من مشارك في أشغال اليوم الدراسي، فقد اعترف أغلبهم بان النقاش في هذا الموضوع يجعل المدرس أمام وضع صعب حين يطلب منه أن يفكر فيما هو ممكن خلافا لما اعتاد عليه في الممارسة الواقعية لتدريس الفلسفة والتي تتناول ما هو كائن .
وقد خصصت الجلسة الصباحية لعرض مداخلتين: الأولى بعنوان: "الكتاب المدرسي بين الفلسفي والثقافي" للأستاذ محمد زرنين والثانية بعنوان " الكتاب المدرسي والكتابة الإنشائية" للأستاد عبد الغني التازي (عضوا فريق تأليف كتاب رحاب ). أثار محمد زرنين مجموعة من النقط أهمها: التمييز بين الكتاب المدرسي والمنهاج والمقرر الدراسي، باعتبار الكتاب المدرسي أجرأة للمنهاج، مبرزا الصعوبات والإكراهات التي تواجه المؤلفين للكتب المدرسية ، كما تساءل عن مدى حضور الفلسفي في الكتاب المدرسي، ليجيب أننا ندرس مادة الفلسفة التي مرت بغربال المنهاج بعد تكييفها بيداغوجيا... وبالتالي علينا بالضرورة ـ حسب زرنين ـ استحضار الفلسفي من خلال المضامين وذلك بتوافق مع المنهاج وهنا يجب التمييز بين أستاذ الفلسفة كموقف وبين موظف الدولة ... وأهم نقطة أثارتها المداخلة الأولى تتعلق بمدى حضور الثقافي في الكتاب المدرسي، ليستحضرمجموعة من الصعوبات والعراقيل الثقافية التي تقف حاجزا أمام تدريس الفلسفة في المغرب. ومن أهمها صعوبة استيعاب التلاميذ لمادة الفلسفة بحكم الخصوصية الثقافية وثقل التمثلات والعلاقة بين الذات والقيم والتاريخ ، كما ربط تدريس الفلسفة بسؤال الصدفة والضرورة مشيرا إلى علاقة تدريس الفلسفة بالمغرب بالاستعمار الفرنسي، الأمر الذي يثيرحسب زرنين مفارقات شتى بين الأنا والآخر، بين الواقع والتاريخ ، بين الثقافة كتراث والثقافة كأفق .. خصوصا أن التلميذ الفرنسي عندما يقرأ المفاهيم يسيطر بها على واقعه لأنها مفاهيم معاشة ، أما التلميذ المغربي يعيش تلك المسافة بين المفاهيم والواقع . من هنا يستنتج الأستاذ زرنين أن هناك تكسرات تاريخية ، والرهان الثقافي يقتضي تجاوز هده المفارقات ...وفي الأخير شدد على ضرورة التفاؤل وذلك عبر الإيمان بيوتوبيا ترتقي بواقع تدريس الفلسفة في مجتمعاتنا.
أمام المداخلة الثانية فكانت بعنوان: "الكتاب المدرسي والكتابة الإنشائية " وأطرها الأستاذ عبد الغني التازي ،الذي انطلق من تحديد ثلاث اختيارات للكتاب المدرسي: جمالية، قيمية، ومعرفية مؤكدا أن تحقيق هذه الاختيارات رهين بخطة تعمل على تدريب التلاميذ على مجموعة من الكفايات ومن هنا كان التساؤل : هل درس الفلسفة يعين على تحقيق هذه الاختيارات؟
وأكد الأستاذ عبد الغني التازي على أن مهمة درس الفلسفة هي التقليل من الشفهي ومن الدروس الجاهزة وذلك بترسيخ الكتابة الفلسفية الإنشائية باعتبارها أداة تقويمية وحيدة لتقويم التلميذ ،وتتم عبر تدريب التلاميذ على الكتابة مع مراعاة منهاج مادة الفلسفة، وأيضا اعتماد مبدأ التدرج من البسيط إلى المعقد وذلك حسب المستويات الدراسية (ج م ، الأولى ، الثاتية باك) وفي هدا الصدد ركزت المداخلة الثانية على أهمية المهارات الموجودة في الكتاب المدرسي كالتعريفات والحجاج والتركيبات والتعاليق كدعامات لا غنى عنها لإكساب التلميذ القدرة على الكتابة ... فإدا لم يساعد الكتاب التلميذ على تجاوز الإمتحان الوطني ـ يؤ كد التازي ـ لا معنى له .
أما الجلسة المسائية فقد خصصت لورشتين : الأولى تركزت حول حضور الفلسفي والثقافي في الكتاب المدرسي وانقسمت إلى ثلاثة محاور: المحور الأول: التأليف والنموذج، و المحور الثاني: تأليف الكتاب المدرسي: جدلية الفلسفة والفكر الإسلامي، و المحور الثالث : كيف نربط تدريس المادة بثقافة التلميذ. وبعد مناقشة المحاور واستحضار المشاكل والصعوبات التي تواجه تدريس الفلسفة اتفق الأساتذة المشاركين في أعمال هذه الورشة على مجموعة من التوصيات وهي :
1- الدعوة إلى انفتاح التأليف المدرسي الفلسفي على كل ما هو كوني في مجال الفلسفة مع مراعاة جدلية الكوني والخصوصي التي ينبغي أن تكون لصالح التطور الفكري والروحي للتلميذ.
2ـ ضرورة انخراط التأليف المدرسي في سيرورة مشروع مجتمعي يراعي مختلف مكونات الهوية المغربية.
3- ـضرورة استحضار الجانب الوجداني عبر الوقوف عند مفاهيم يتفاعل معها المتعلم وينخرط فيها عقليا.
4ـ ضرورة توظيف الثقافة الشعبية بجميع مكوناتها المغربية مع إعادة الاعتبار لدراسة التمثلات في بناء الدرس.
5ـضرورة مراعاة ملائمة الجانب الفني لتطوير الثقافة البصرية ومضامين الدروس لتجذب التلميذ إليها.
6ـ اعتماد مبدأ الكفاءة في اختيار الأعلام.
7 - ضرورة تنظيم دورات تكوينية في المجالات الثقافية القابلة للاستثمار في درس الفلسفة
8 - ضرورة اعتماد مبدأ الحرية في اختيار الكتاب المدرسي.
9ـ ضرورة تقوية التواصل بين جميع الفاعلين التربويين على مختلف مستوياتهم والجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة محليا وجهويا ووطنيا وفق مبدأ الاستمرارية.
10ـ توفير جامع النصوص المعتمدة في لغتها الأصلية ضمانا للأمانة العلمية وتفاديا للأخطاء اللغوية في الترجمة ومساهمة في تكوين الفاعلين التربويين.
أما الورشة الثانية فقد اشتغلت على الديداكتيكي والتربوي في الكتاب المدرسي من خلال ثلاثة محاور: المحور الأول: تشغيل التلاميذ وعوائق مستواهم الدراسي وطول البرنامج، المحور الثاني : تعدد الكتب المدرسية والتقويم و المحور الثالث: كيف نحضر للسنة المقبلة.
وبعد مناقشة محاور هذه الورشة وتسجيل مجموعة من الصعوبات والعوائق تم تسجيل المقترحات التالية: 1) الدعوة إلى التخفيف من البرنامج الدراسي 2 ) سد الخصاص المتعلق بالمدرسين 3 ) تجاوز مشكلة الاكتظاظ .. كما تم الإتفاق على التوصيات الآتية :
1 ضرورة الرفع من معامل مادة الفلسفة خصوصا لدى الشعبة العلمية والتقنية
2 ضرورة التنسيق جهويا من أجل إيجاد تصور موحد حول الكيفية الإجرائية لتقويم فعال يراعي مبدأ تكافؤ الفرص وينطلق من دعامة التعدد والتنوع في الكتب المدرسية.
3 ضرورة التفكير في إيجاد إطار مرجعي هو بمثابة دليل موجه للأستاذ
4 ضرورة مراعاة لجنة الامتحانات لمضمون الكتب الثلاثة أثناء وضع الصيغ النهائية للامتحان الوطني.
5 عقد لقاءات مع هيئة التفتيش والتأطير لبرمجة لقاءات دورية على الأقل تصب في اتجاه توحيد التصورات.
وبعد قراءة مقترحات وتوصيات كل ورشة والمصادقة عليها بالإجماع تم اختتام اليوم الدراسي.
عن الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة فرع وجدة
اليوم الدراسي حول الكتاب المدرسي تحت شعار
" التعدد ورهان الجودة"