نال العالم آلبير آينشتاين (1897-1955) شهرة كبيرة على الصعيد العالمي ، ليس فقط بسبب نظرياته الفيزيائية التي شكلت ثورة كبيرة في العلم المعاصر ، خاصة نظريته في النسبية العامة والخاصة، بل ك بكونه كان مفكرا ومطلعا كبيرا على تاريخ الفلسفة الشيء الذي مكنه من مناقشة كل النظريات العلمية والفلسفية القديمة والحديثة من منظور نقدي . وكذلك من التأسيس لنظرياته في مجال الفيزياء تأسيسيا فلسفيا متينا. لقد كان آينشتاين مؤمنا بأن العلم الفيزيائي لايمكن أن يتطور ويتقدم بدون معرفة فلسفية قوية. وهذا ماجعله يعلي من شأن العقل والتفكير العقلاني دون أن ينحاز إلى تيار فلسفي معين بل ظل محافظا على استقلاليته الفكرية والعلمية محاورا جميع التيارات بنفس الروح النقدية التساؤلية.

لقد قرأ آينشتاين أعما ل هيوم وباركلي وكانط وحاول أن يأخذ من أفكارهم مايمكن أن يواجه به الفكر المثالي الذي طال الفيزياء المعاصرة ، وكما يقول لكي يناضل ضد المثالية واللاأدرية والميتافزيقا والأوهام التي تم استخدامها لمعالجة مصدر معرفتنا.
انتقد آينشتاين الأطروحة الوضعية المعادية للفلسفة والتي ترى بان القضايا الفلسفية التقليدية ليس لها معنى ، مدركا بان الهدف الرئيسي للوضعيين من ذلك هو فصل الفلسفة عن العلم وهذا شيء مقلق في نظره . ويحمل أخطاء قد تكون لها نتائج وخيمة على مستقبل العلم.
إن إسهام آينشتاين الذي طغى على تكوينه المعرفي هو نظرية النسبية التي كانت نتيجة جهوده العلمية ن فنظريته تلك تعد بحق من أهم الاكتشافات العلمية المعاصرة والتي أدت إلى مراجعة كثير من المفاهيم حول الزمان والمكان والسرعة ...لقد أثبتت أبحاثه أن النسبية أن التغير في سرعة الشيء المتحرك يولد تغيرا في سماته الزمكانية، كما أن حقيقة كتلة الزمان تحدد البنية الهندسية للزمان والمكان مشيرا إلى وجود علاقة عضوية بين الزمان والمكان والمادة. وقد عمل الفيزيائيون على تطوير أطروحات آينشتاين العلمية مما يؤكد صلابتها وصلاحيتها العلمية.

النظرية والتجربة
يتساءل آينشتاين عما إذا كانت التجربة تشكل منبعا للنظرية، وبالتالي ماالدور الذي يلعبه العقل في المجال العلمي. مجيبا بأن العقل يمنح للنسق العلمي بنيته، أما معطيات التجربة وعلاقتها المتبادلة فيجب أن تطابق نتائج النظرية لأن النسق الكامل للفيزياء النظرية يتكون من مفاهيم وقوانين أساسية، وبواسطة الاستنباط المنطقي يتم الحصول على نتائج من تلك المفاهيم والقوانين، لذلك فإن هذه الأخيرة تعتبر جزءا ضروريا في النظرية. فالتجربة يمكنها أن ترشدنا إلى اختيار المفاهيم الرياضية التي سنستعملها إلا أنها لايمكن أن تكون هي المنبع والقاعدة التي تصدر عنها. فالمبدأ الحقيقي للنظرية يكمن في الرياضيات.

تم الاعتماد في هذه الورقة على مايلي:
1- اينشتاين والقضايا الفلسفية لفيزياء القرن العشرين- كتاب جماعي. ترجمة ثامر الصفار
دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع- الطبعة الأولى: 1990

• السابق
• التالي